رمزية الجامعة... إلى جامعتنا الموقرة، الجامعة ليست نقطة جمركية او ادارة ضريبية!!!


تم تداول وثيقة عما تم فرضه من رسوم جامعية باهظة في إحدى جامعات الجمهورية اليمنية، ولست متأكداً من صحة تلك الوثيقة او من عدمه.

لكن لا بد من التطرق هنا إلى رمزية أي جامعة وركائزها، قبل الخوض في هذه الإشكالية، ثم إسقاط ذلك على جامعتنا الموقرة.

هنالك ثلاث ركائز أساسية لاي جامعة وتتمثل بالتدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، كما أضاف البعض الركيزة الرابعة المتمثلة بالدور التنويري.

تتمثل الركيزة الأولى بالتدريس، وهي مرتبطة كلياً بعناصر العملية التعليمية الاربع: الطالب، والمعلم، والمنهج الدراسي، والبيئة التعليمية. ولكي تكون مخرجات التعليم ذات جودة عالية، فيجب أن تكون المدخلات جيدة ومهيأة (الطلاب)، وأن تكون أدوات العملية التعليمية فاعلة، ومنظومتها متكاملة (منهج، مدرس، بيئة تعليمية).

كما يعد البحث العلمي الركيزة الثانية للجامعة. وهذا يتمثل بمقدار المساهمة في الإنتاج العلمي في المجال الإنساني والعلمي والطبي، من قبل أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم. وأقصد هنا بالنتاج العلمي الأوراق العلمية المنشورة في مجلات محكمة أو مؤتمرات علمية، والكتب المؤلفة، والكتب المترجمة، والاكتشافات العلمية، وبراءات الاختراع، والرسائل العلمية بشقيها (الماجستير والدكتوراه). ويجب أن أشير هنا بأن ما اقصده عن البحث العلمي بمختلف أنواعه هو ما يضيف للمعرفة او يؤطر لنظرية جديدة أو يسهم بحل إشكاليه باتباع المنهجية البحثية والاستنتاجات العلمية. اما الأبحاث التي لا تنتج عنها ذلك، فهي عبارة عن أرقام وهمية، ومؤشرات زائفة سواءً للجامعة أو للباحث، وعديمة الفائدة، بل إن ضررها أكبر من نفعها!. ولي وجه نظر في ذلك، ويعرف الأكاديمي ما اعني بذلك، وبالذات أن هنالك مجلات ومؤتمرات، وشبكات بحثية، أصبحت كشركات أعمال لجني المال، وليست أوعية للنشر العلمي!!!. (ولعلي أناقش ذلك بمقال منفرد!)

وتركز الركيزة الثالثة على خدمة المجتمع، من خلال تقديم خدمات موجهة للمجتمع من  تدريب وتوعية ومساهمة تطوعية حسب احتياجات المجتمع. اما الركيزة الرابعة المضافه فتتمثل بالتنوير الفكري لتسهم وتعزز من تنامي الوعي المجتمعي من خلال المساهمة عبر المؤلفات والنشرات الثقافية والمنتديات الفكرية والصالونات الادبية، وغيرها.

لن اسقط تلك الركائز على جامعتنا الموقرة، ولكن سوف اترك ذلك للقارئ الكريم!. علماً ان الجامعات التي لديها تلك الركائز لم تفرض حجم تلك الرسوم حتى في انظمتها التعليمية الموازية!!. كما ان فكرة نظام التعليم الموازي يكرس لمفهوم احقية التعليم للجميع، واسس كنفع جمعي للطالب والاكاديمي والجامعة. واقصد هنا بالطالب الذي قد يكون موظفاً وله دخل سنوي مرتفع او لديه قدرة مالية ولا يستطيع الحضور بالساعات النظامية، ويرغب بمواصلة التعليم، وبالذات التعليم العالي. كما انها تعتبر مصدر دخل اضافي لصالح الاكاديمي، ومصدر اضافي للنفقات التشغيلية للاقسام والكليات.

ختاماً، يدرك الجميع حجم معاناة الطلاب والاكاديميين واسرهم. اصبح الطالب بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسي اولاً، وتحفيز للالتحاق بالتعليم ثانياً؛ كونه يدور في فلك الهموم اليومية من مواصلات وسكن وقوت يومي، ووضع كارثي، اضف الى ذلك ان اقربائهم بلا رواتب!. اما الاكاديمي فغارق بهموم الالتزامات الكثيرة، طاقته الابداعية سفكت، وقريحته العلمية اغلقت، وعصارة خبرته تصدعت، ورواتبه الشهرية سلبت!.

الى جامعتنا الموقرة، الجامعة ليست مركز جمركي او إدارة ضريبة، والطالب ليس سلعة او شركة مالية!؛ الا اذا كان هنالك منهجية لدفع الطلاب لترك الدراسات الجامعية، فهذا امر اخر!!!. ولكن تلك الاجراءات لن تثنيهم ، وستجعل من الطلاب واسرهم اكثر حرصاً على مواصلة تحصيلهم العلمي.

Comments

Popular posts from this blog

كتاب " تكامل عمليات الأعمال مع نظام تخطيط موارد المؤسسات SAP ERP " ترجمة د.صالح السليم، د. همدان محمد الصبري