نمط التعليم الذاتي الحديث والمسمى بالمساقات الإلكترونية/الموكس (MOOCs)... بين مواكبة التحول الرقمي، والتدرج للوصول إلى التعليم التطبيقي القائم على تقنيات الواقع الافتراضي (VR)... أو الانحناء لتحديات البنية التحتية التكنولوجية والاستمرار بنمط التعليم التقليدي.
(عرض بعض المحاور الخاصة بالتعليم الذاتي الحديث –الموكس-،  والتحول لصناعة المحتوى الرقمي، ومستقبل العمل الأكاديمي، دعوة لإخواننا وزملائنا وأبنائنا للاستفادة من "التعليم المفتوح واسع النطاق عبر الانترنت- MOOCs" في رشف مختلف المعارف والخبرات وافضل الممارسات من  مختلف الجامعات العالمية الرائدة)
---------------------------------------------
أثر التطور التكنولوجي المتسارع على مختلف المجالات، ومن تلك المجالات مجال التعليم؛ حيث رافق هذا التطور تحول من طريقة التعليم التقليدية –محتوى ورقي- الى طريقة التعليم الرقمية -محتوى رقمي-. تعنى العملية التعليمية بمشاركة ونقل المعرفة وايصالها الى الفئة المستهدفة باستخدام الوسائل التعليمية المتاحة، ومع تقدم الاتصال الشبكي الحالي، ظهرت هنالك العديد من الوسائل والتقنيات التعليمية الحديثة ومنها ما يسمى بـ بالمساقات الإلكترونية/الموكس (Massive Open Online Courses -MOOCs)، والتي تترجم بـ "التعليم المفتوح واسع النطاق عبر الانترنت". نحن نعيش حالياً عصر التعليم الذاتي المرن بأبهى صورة؛ وذلك عبر التعلم من المساقات الإلكترونية والتي تمثل احد الممارسات العملية لنقل ومشاركة المعرفة؛ حيث انها مكنة الفرد من الحصول على المعرفة من ارقى جامعات العالم –هافورد، ستنافورد، اكسفورد،...-  بمرونة عالية، مع كسر حاجز المكان والزمان. تتطور المساقات الإلكترونية يوماً بعد يوم، ويصاحب ذلك ازدياد اعداد مرتادي تلك المواقع التعليمية المفتوحة، لرشف العلوم والمعارف القيمة بمختلف انواعها ومن مختلف جامعات العالم. واقعياً، اصبح طلب العلم والمعرفة الآن –مع وجود خدمات الإنترنت الممتازة- سهل، ويمكن الحصول عليه من ارقى الجامعات بضغطة زر، دون الحاجة إلى المال  او الحضور المكاني او الإلتزام بالتوقيت الزمني. وانطلاقاً من مبداً ان "العلم بالتعلم، والعلم حق للجميع"، وادراكاً بأهمية التوعية عن فكرة المساقات الإلكترونية والمساهمة في نشرة، أحببت أن اسلط الضوء في هذا المقال على " نمط التعليم الذاتي الحديث العالمي والمسمى "بالمساقات الإلكترونية/ الموكس" من عدة محاور، منها: ما هية المساقات الإلكترونية/الموكس، نشأتها، أهميتها وأهدافها، وجهات النظر حول المفهوم، خصائصها، مبدأ عملها، الفئة المستهدفة، أبرز المنصات الإلكترونية المتوفرة حالياً، العوائق والتحديات التي تواجه المفهوم، احصائيات الاقبال على المساقات الإلكترونية والتحول للمحتوى الرقمي، والآفاق المستقبلية للمفهوم.

في البداية ساستخدم خلال هذا المقال كلمات "الموكس" أو "المساقات الإلكترونية" أو " التعليم الذاتي المرن" أو "التعليم المفتوح واسع النطاق عبر الانترنت" بشكل تبادلي وتمثل نفس المفهوم. هنالك الكثير من التعريفات للمساق الإلكتروني، وجميعها يتفق بتفسير الاربع المفردات المكونة للمفهوم، والمتمثلة بالتعليم (نشاط تعلمي)، المفتوح (مفتوح المحتوى، مجاني، متاح للجميع بدون شروط وبلا استثناء)، واسع النطاق (يقبل التوسع والاعداد الضخمة من المتعلمين)، عبر الإنترنت (يمكن الوصول إليه عبر الشابكة). يعرف كاتب هذا المقال مفهوم "التعليم المفتوح واسع النطاق عبر الانترنت" بانه طريقة تعليمية عالمية حديثة تتيح للاساتذه الجامعيين والخبراء والممارسين من طرح المقررات الدراسية –بمختلف أنواعها- على شكل محتوى رقمي مرئي  في منصة إلكترونية (لها قوالب وسياسات وإستراتيجيات،ووو)، وتتيح كذلك  للطلاب –باعدادهم الكبيرة والضخمة- من الوصول إليها ومشاهدتها والتفاعل والقيام بعدة نشاطات مثل حل تمارين، والنقاش؛ وذلك باستخدام الإنترنت من اي مكان وفي اي زمان.

رافق تعريب المصطلح الانجليزي "MOOCs" ظهور العديد من المسميات المختلفة لهذا المفهوم، منها: المساقات، المساقات الإلكترونية،  مساق هائل مفتوح عبر الإنترنت، الدروس  الجماعية الإلكترونية المفتوحة المصادر، الدورات المفتوحة واسعة النطاق على الإنترنت، كورسات الشبكة المكثفة المفتوحة، التعليم المفتوح للجميع بأعداد هائلة عبر الانترنت، مساق هائل مفتوح عبر الإنترنت، مساق أكاديمى مفتوح عبر الانترنت، موك، موكس، مجال التعليم الشبكي، المقررات الجامعية المتاحة عبر الإنترنت، المقررات الإلكترونية المفتوحة واسعة الانتشار،الدراسة القائمة على الويب، منصات التعلم الذاتي؛ وجميعها تعبر عن نفس المفهوم.

يرى البعض ان اول ظهور للمساقات الإلكترونية من حيث الاعتماد على الانترنت هو بنشر سلمان خان -مؤسس أكاديمية خان- فيديوهات تعليمية على اليوتيوب وذلك في عام 2006م. بينما يعتبر اول ظهور للمساقات الإلكترونية من حيث اعتمادة كنظام تعليمي حديث هو في عام 2011م؛ حيث بدأت العديد من الجامعات العالمية المرموقة بتطوير منصاتها التكنولوجية وطرح المقررات بصيغتها الرقمية مرئية –فيديوهات- واتاحتها للجميع بشكل مجاني.

تكمن أهمية هذا النوع العالمي الجديد للتعليم الذاتي المرن بالحصول على المعارف والمعلومات، واكتساب الخبرات من أرقى جامعات العالم، والتخاطب والنقاش مع مختلف العقول الأكاديمية النيرة. سيسهم هذا النوع من التعليم من توسيع مدارك المتلقي، والاطلاع على الفجوات العلمية والبحثية وذلك من خلال حلقات النقاش المفتوحة والتي تكون تابعه لكل دورة او مقرر مطروح. تتيح معظم منصات المساقات الإلكترونية الحصول على الشهادات المعتمدة عند اجتياز اختبار محدد ضمن اطار المقرر المطروح. ومما يتميز به هذا النوع من التعليم الذاتي امكانية إلتحاق عدد غير محدود من المتعلمين، وتنوع المقررات المطروحة، وتعدد اللغات المتاحه وكذلك تعدد ثقافات الملتحقين بتلك الدورات.

يهدف الموكس إلى تنمية مهارات الراغبين بالتعلم، وتجسير الفجوة بين ما يطرح في جامعات الدول المتقدمة وبين ما يطرح في جامعات الدول النامية التي قد تكون متردية للغاية. كما تهدف إلى نقل الخبرات المتنوعة التي تسهم في ردم الفجوة الكبيرة بين الجانب النظري ومتطلبات سوق العمل الفعلية. كما انه يعزز مفهوم نشر وتبادل المعرفة بين مختلف الثقافات، وتلقي العلوم والمعارف من قبل اعداد ضخمة من مختلف انحاء العالم دون تمييز.

هنالك العديد من وجهات النظر والمدارس المختلفة حول مفهوم المساقات الإلكترونية، حيث تطرح بعض المدارس ان التعليم الذاتي الحديث عبر الإنترنت أصبح واقعاً وعلماً قائماً لنشر المعرفة، وأصبح مصدر للتعليم يضاهي الجامعات، بل انه قد يعمل على الاستغناء عن المؤسسات التعليمية التقليدية مع مرور الوقت. وآخرون يرون انه يعتبر تطور للتعليم الإلكتروني التي تقدمه المؤسسات التعليمية، ولا يمكنه تجاوز التعليم الرسمي التقليدي بأي شكل من الأشكال. وتقول وجهة نظر اخرى ان أي تعليم خارج أطار المؤسسات التعليمية –مثل الموكس- سيعزز من أيصال المعرفة بطريقة أفضل من الطرق التقليدية كونه يحقق شرط عدم الارتباط بالمكان والزمان. بينما ترى مدارس اخرى انه يمكن الدمج بين الموكس والتعليم التقليدي، ولابد من عملية التكامل بينهما، والعمل على دمجهما ليصبحا تحت مسمى "التعليم المرن المدمج".

لكي نجعل المفهوم اكثر وضوحاً، سنقارن بشكل سريع بين تعليم المساقات الإلكترونية، والتعليم التقليدي، والتعليم الإلكتروني. الكثير منا يستطيع التمييز بين التعليم التقليدي وتعليم المساقات الإلكترونية، ولكن هنالك خلط كبير بين تعليم المساقات الإلكترونية والتعليم الإلكتروني. ببساطة، التعليم التقليدي يمثل التعليم الرسمي المؤسسي التي تمارسة الجامعات حالياً، حيث يتطلب إلى وجود مؤسسة قائمة، ولها برامج وخطط دراسية وجداول محاضرات، ويقوم بتقديم المحتوى اساتذة الجامعة بشكل حضوري وبوقت زمني محدد، ويتم تلقي المعلومة وجهاً لوجه بين المعلم والمتعلم، ويتاح المقرر لمنسوبي الجامعة فقط، وقد يتطلب الى رسوم. بينما تعليم المساقات الإلكترونية تقدم عبر منصة تكنولوجية وتعرض المحتوى الرقمي المرئي على شكل فيديوهات، وليس لها برامج او خطط دراسية -بل مساقات او مناطق معرفية-، ويقدم المحتوى اساتذة الجامعات أو الخبراء أو الممارسين دون الحاجة الى حضور الطلاب المكاني، ويتم تلقي المعلومة عن بعد –ليس وجهاً لوجه-، ومتاح للجميع بلا استثناء، ويقدم غالباً بشكل مجاني.  أما التعليم الإلكتروني فهو يعتمد على نظام/برمجية لإدارة التعليم، ويكون النظام مغلق ومنحصر للمؤسسة التعليمية فقط، ويقدمة استاذ المقرر الدراسي، ويعرض المقررات المطروحة للخطط الدراسية على شكل عروض تقديمية، ويمثل قناة تواصل لطرح الواجبات والنقاش، ويعتبر غير مفتوح ولا يستطيع الاطلاع على المقرر إلا فئة محددة من منسوبي المؤسسة التعليمية.

تتمحور فكرة أو مبدأ عمل المساق الإلكتروني بوجود منصة إلكترونية ونموذج عمل محدد، تسمح للأساتذة الجامعيين أو الخبراء بطرح المقررات بصيغة محتوى رقمي مرئي، وتتيح للطلاب التسجيل والاطلاع على تلك المقررات باستخدام الإنترنت، والتفاعل وتشارك المعلومات من خلال النقاشات والاختبارات المحوسبة. يمكن للطالب ان يلتحق بالمقرر عند تحديد تاريخ بداية ونهاية المقرر. وقد يكون هنالك ملحقات خاصة بالمقرر المطروح مثل الاسئلة المفاجأة وأسئلة اختيار من متعدد، أو امتحان نهائي أو مهام كتابية أو نشاط معين حسب سياسة المنصة الإلكترونية للموكس. معظم منصات المساقات الإلكترونية تقدم شهادات (مع رقم للتحقق من الشهادة) بعد الإنتهاء من المقرر،  ويتطلب ذلك دفع مبلغ مالي رمزي نظير الحصول على الشهادة، وهي الإستراتيجية الوحيدة المتبعة للحصول على إيرادات مالية.

هنالك فئات عديدة تستفيد من التعليم الذاتي الحديث المتمثل بالمساقات الإلكترونية، ومنهم: طلاب التعليم العام، طلاب التعليم الجامعي، أي موظف يريد تطوير وتحسين مهاراته، المتطلعون إلى مواكبة كل جديد من العلوم والمعارف، والراغبون في تعزيز سيرهم الذاتية من خلال الحصول على الشهادات، ومن لم تسمح لهم الظروف من الالتحاق بالجامعات، وكذلك من يسعو لتحديث معارفهم ومعلوماتهم من كبار السن وغيرهم.  من أبرز المنصات الإلكترونية الاجنبية التي تطرح المساقات الإلكترونية: اوداسيتي(Udacity )، كورسيرا (Coursera ) ،و إيديكس (edX)، وهنالك عدد كبير جداً من المنصات. ومن أبرز المنصات الإلكترونية العربية: منصة رواق، وإدراك، ومهارة، ونون، وملتقى الدارين، و إدلال، وغيرها.

كما هو المعتاد دائماً، عند ظهور أي أسلوب جديد يقابل ذلك بالمقاومة والمعارضة، ويصحب ذلك عوائق ومشاكل عدة. فهنالك من الأكاديميين من يرفض أسلوب المساق الإلكتروني ويشكك في نجاحة، وذلك لعدة أسباب منها: انه لا يقدم منهج مكتمل، ولا يستند إلى خطة دراسية، وعملية التقييم ليست شاملة، وافتقاره للجانب الاجتماعي الحقيقي اي تلقي المعلومة وجهاً لوجه، وكذلك نسبة التسرب الكبير أي عدم اكمال المقرر حتى النهاية. ولكن أعتقد ان مثل هذا الطرح تغافل تماماً ان مبدأ هذا الاسلوب التعليمي الحديث (الموكس) قائم على التعلم الذاتي -أي الشغف والرغبة-، ويقدم ثروة معرفية هائلة خارج حدود المكان والزمان، ولابد من ايجاد آليات محددة تسهم في تقليل نسبة التسرب، وزيادة نسبة  اكمال المساقات. كما يرى آخرون ان هنالك تحديات ومعوقات تحول دون التحول إلى اسلوب المساقات الإلكترونية، ومنها: تحديات تكنولوجية واقتصادية وثقافية، والتكلفة العالية لتطوير منصة العمل، ونقص التشريعات وحقوق الملكية الفكرية بين مقدم المحاضرة ومزود المنصة، ومقاومة التغيير من قبل المؤسسات التعليمية التقليدية، وضعف امكانية ضمان الجودة فيما يقدم من محاضرات تعليمية. ولكي يتم التغلب على المعوقات والتحديات آنفة الذكر، يتوجب على الحكومات تحسين بنيتها التحتية التكنولوجية؛ وذلك لتوفير خدمة الإنترنت بشكل ممتاز وباسعار معقولة، ونشر التوعية عن اسلوب التعليم الذاتي الحديث المتمثل بالموكس، ووضع القوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق الملكية الفكرية، ووضع الخطط والإستراتجيات المختلفة للتحول الرقمي، وتحفيز الاساتذة الجامعيين على المساهمة في تطوير المحتوى الرقمي المرئي.

لكي تكون الرؤية اكثر وضوحاً، سوف نعزز المقال بإحصائيات صادرة من موقع (Class Central)، لسنة 2016م، والذي يقدم تقارير مختلفة عن المساقات الإلكترونية/الموكس (ويركز على الدول الاجنبية)؛ حيث يبين التقرير ان عدد الطلاب الذين يستفيديون من نمط هذا التعليم المرن قد بلغ (58 مليون طالب)، وان المقررات/المساقات تطرح بواسطة منصات إلكترونية لاكثر من 700 جامعة من مختلف انحاء العالم، وتطرح ما يقارب 6850 مقرر/مساق (كما هو موضح في الصورة1، الجانب الايسر).  كما ان التقرير يوضح كذلك  النمو المتزايد للمساقات الإلكترونية/الموكس من سنة 2012م حتى سنة 2017م (كما هو موضح في الصورة1، الجانب الأيمن). ونلاحظ ان المساقات الإلكترونية طرحت العديد من المقررات لمجالات مختلفة، وقد توزعت نسبة  المقررات بناءً على المجالات إلى: مقررات في مجال الادارة والاعمال (19.3%)، ومقررات في الحاسب الآلي والبرمجة (17.4%)، ومقررات في الهندسة (6.32%)، ومقررات في العلوم (10.4%)، ومقررات في العلوم الاجتماعية (9.82%)، وغيرها من المجالات (كما هو موضح في الصورة رقم 1، الجزء السفلي). والسؤال المهم في سياق هذا المقال، كم عدد الجامعات العربية التي تطرح المساقات الإلكترونية/الموكس حتى تواكب التغيرات التعليمية العالمية المعاصرة؟، وكم عدد المقررات التي طرحتها؟، وكم عدد الطلاب الذين استفادوا من اسلوب التعليم الذاتي المرن؟، وهل يساهم اساتذة الجامعة والخبراء بطرح المقررات او تعريب تلك المساقات وعرضها على مجتمعاتهم؟، وهل المنصات العربية تقدم محتوى رقمي مرئي رصين يرقى إلى مستوى ما يطرح في المنصات الاجنبية؟. بالتأكيد ان المحتوى الرقمي المرئي باللغة العربية لا يزال ضيئل جداً، وكذلك عدد المساقات المطروحة، بل ان العديد من الطلاب في مجتمعاتنا ليس لديهم ادنى فكرة عن مفهوم المساقات الإلكترونية !!!.
المؤشر الاخرى الموضح في الصورة الثانية ادناه،  يعكس عدد المتعلمين الذين استخدموا منصة التعليم المشهورة كورسيرا (Coursera) من مناطق جغرافية مختلفة في انحاء العالم. حيث تدل النقاط البنية الغامقة على ان هنالك استخدام عالي للمنصة التعليمية، واللون البني الفاتح يعني ان هنالك استخدام اقل للمنصة، بينما اللون الابيض الذي يغطي المساحات الجغرافية يدل على انه لايوجد اي استخدام للمنصة التعليمية نهائياً. وبالتالي، نلاحظ ان الدول العربية مازالت في مستوى متدني او معدوم لاستخدام تلك المنصات التعليمية العالمية الشهيرة، والذي يعكس مستوى وعي مجتمعاتنا عن المساقات الإلكترونية/الموكس، وكذلك يعكس بان هنالك عوائق لغوية –أي اللغة الانجليزية-  تحول دون التعلم واكتساب المعرفة من تلك المنصات التعليمية العالمية.

مما لاشك فيه ان هنالك توجه للتحول الرقمي للتعليم عبر المساقات الإلكترونية /الموكس، وهذا التحول لن يقتصر على التعليم العام والجامعي فحسب، بل انه سيمتد ليصل الى جميع القطاعات العامة والخاصة وذلك لتدريب وتنمية القوى العاملة لديهم بما يتناسب مع متطلبات السوق. إضافة إلى ذلك، ذهب البعض بان هذا الاسلوب التعليمي الحديث سيتوسع بشكل كبير، وسيلغي فكرة التعليم التقليدي عبر المؤسسات التعليمية، وسوف تتحول معظم المؤسسات التعليمية الى المحتوى الرقمي المرئي المطروح عبر المنصات الإلكترونية في 2030م، وهذا الطرح مستند على الانطلاقات والبدايات المشابه لمواقع إلكترونية عدة مثل جوجل/غوغل، أمازون، ايباي، وغيرها. وقد أوضحت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، أن المنصات الإلكترونية ستعمل على تخفيض تكاليف التعليم بشكل عام، وستسهم في الإيرادات من خلال ما تتحصل عليه عبر تقديم الشهادات المعتمدة. كما انه لم يعد خفياً على احد ان معظم الموارد البشرية للمؤسسات الدولية والإقليمية تهتم بالحاصلين على الشهادات من المنصات الإلكترونية؛ وذلك لانه يعكس مستوى المتعلم من حيث الإرادة وقابلية التعلم الذاتي، والشغف، وحب الاطلاع، ومواكبة المستجدات.

قبل الختام، لن تستمرعملية التعليم التقليدية الروتينة المملة طويلاً، لان هنالك اسلوب تعليم حديث مرن قائم على التعليم الذاتي، ومحفز للتفكير الإبداعي. كما ان عملية عرض وتطوير المساقات الإلكترونية تعتبر تكاملية وترتكز على تعاون كل من الحكومة والمؤسسات التعليمية واعضاء هيئة التدريس والطلاب. وبالتالي، يتوجب على الحكومة تحسين البنية التكنولوجية التحتية، وتوعية المجتمع بأهمية المساقات الإلكترونية، ويتوجب على المؤسسات التعليمية المتمثلة بالجامعات بتهيئة الفصول الدراسية من خلال تحسين الوسائل التعليمة؛ للتواكب مع التغيرات الرقمية القائمة والقادمة. وعلى الطلاب الاستفادة مما يطرح في المساقات الإلكترونية لتطوير الذات واكتساب الخبرات والمعارف من مختلف جامعات العالم.

ختاماً، تسهم المساقات الإلكترونية/الموكس في تطوير وتنمية المهارات بمختلف انواعها، وتتناسب مع متطلبات الكثير من المتعلمين الشغوفين بالتعلم الذاتي نظراً لمرونتها الزمنية والمكانية. وينبغي على دولنا الاستفادة من التجارب العالمية في مجال التعليم، فقد أصبحت حالياً صناعة معترف بها، وفضاء واسع للتعلم، ونحن بأمس الحاجة إليه. وينصح كاتب المقال بمتابعة كل ما يطرح في المساقات الإلكترونية من خلال التسجيل بموقع (Class Central) الذي يقوم بجمع ما يطرح من منصات إلكترونية متنوعة، وتقديمها وعرضها بواسطة نافذة واحدة. وبشكل مبسط جداً، اصبح كل فرد لدية إرادة وحاسب آلي وإنترنت فرصة للحصول على المعارف والخبرات المتنوعة من مختلف الجامعات العالمية الرائدة دون الحاجة الى المال او السفر او الحضور المكاني او التوافق الزمني.
-----------------------------------
كتب: همدان محمد الصبري


Comments

Popular posts from this blog

كتاب " تكامل عمليات الأعمال مع نظام تخطيط موارد المؤسسات SAP ERP " ترجمة د.صالح السليم، د. همدان محمد الصبري

تفكيك وتفريخ القوى، وتجميع ومراكمة المشاكل!!!